معاشرة الأخيار
هل جلست يوما مع اصدقائك تقومون بما حرمه الله
من شرب ومعاصي حفظنا الله منها
نعم
ان كنت كذالك فتعرف علي صفات صحبة لم
تسير معها يوما واعلم انك تتمني ان تصاحبهم
تفضل
مما يجمَّل ويُحَسَّن خُلُق الإنسان من حوله صحبة الأخيار، فالإنسان مولع بالتقليد؛ فكما يقلد الإنسان من حوله في أزيائهم يقلدهم في أعمالهم ويتخلق بأخلاقهم، قال حكيم: "نبئني عمن تصاحب أنبؤك من أنت".
أن مصاحبة الأخيار تغرس في النفس الأخلاق الكريمة وتدفعها إلى معالي الأمور، أما مصاحبة الأشرار فأنها تقود إلى الاستهانة بالأخلاق، وتجرئ على اقتراف الآثام، وتباعد بين الإنسان وبين القيام بالأعمال العظيمة.
فالقرين الصالح يعتبر بحق من أفضل نعم هذه الحياة؛ فهو الملاذ في الملمات، وهو المرشد الأمين لطريق الحق والنجاح في هذه الحياة، فكثير من النابغين والعظماء والمتفوقين في هذه الحياة يعزون سبب نجاحهم إلى أنهم وفقوا في اختيار قرين صالح ساروا على إرشاده واقتبسوا من نصحه.
والقرآن الكريم دعا إلى اختيار الأصحاب الصالحين. قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف: 28]( ).
أمر الله سبحانه رسوله، وكل مؤمن في هذه الآية، بمصاحبة الأخيار الذين ساروا على الهدى ليقتدي بهم ويقتبس من فضائلهم، ولا يزهد في صحبتهم فيتطلع إلى من عداهم لأجل الحصول على مظاهر الحياة الكاذبة، ثم نهى الله المؤمن عن مصاحبة الأشرار الغافلين عن ذكر الله الذين اتبعوا أهواءهم وجاوزا حدود الحق في أعمالهم.
ويقول تعالى أيضاً في هذا المعنى: فَأَعْرِضْ عَمَّنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [النجم: 29].
ويبين الله في آية أخرى أنه ليس من شأن المؤمن أن يتودد إلى من يُغْضِبُ ربه بالمعاصي ولو كان أقرب الناس إليه: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة: 22]( ).
وصور لنا رسول الله الجليس الصالح والجليس السيئ خير تصوير في قوله: « مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ( ) فحامل المسك إما أن يحذيك ( ) وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة » رواه مسلم.
هذه هي تعاليم الإسلام في اختيار القرين الصالح ليقودنا دائماً نحو الخير ويجنبنا مواطن الضلاله ( ).
* * *